خايف عليكى يابلدى

أضعف الإيمان - السياحة في مصر
داود الشريان الحياة - 17/06/08//

عدد كبير من السياح السعوديين والخليجيين غير وجهته من مصر إلى لبنان بعد هدوء الأوضاع الأمنية، فضلاً عن أن بعضهم استبدل تركيا بمصر. وأرقام المنصرفين عن السياحة المصرية مرشحة للزيادة، بسبب تزايد شكوى السياح من تواضع الخدمات السياحية في مصر، والتعامل المفتقد للتقاليد السياحية، رغم أن مصر بلد عريق في هذه الصناعة. فمنذ وصول السائح إلى المطار يواجه حملة شبه منظمة لـ «تطفيشه»، فمطار القاهرة مثلاً، هو المطار الوحيد في العالم الذي تجبر فيه على دفع «اتاوات» لكل الخدمات التي يفترض أنها مجانية. أما النظام والنظافة والتعامل مع سيارات الأجرة فمشاهد تدمي القلب، وتسيئ الى سمعة البلد.
إن صورة مصر السياحية لا تليق بها، وبعيدة كل البعد عن الطموحات التي يتطلع إليها المواطن المصري. والسبب أن القائمين على السياحة في مصر يعتقدون بأن القادمين إليهم لم يروا من العالم إلا مصر. والحقيقية أن العكس هو الصحيح. فثمة حال من الإعجاب بالنفس لدى المسؤولين عن السياحة المصرية حجبت عنهم كل العيوب، فأصبحوا يتحدثون عن اليسير بصفته انجازاً عظيما.
فوزير السياحة المصري يسعى إلى الوصول الى استقبال 14 مليون سائح في السنة 2011. والطموح المصري هو الوصول إلى 20 مليونا، ناهيك عن أن الدخل المصري من السياحة لم يتجاوز 9.5 بليون دولار في العام الماضي، مشكلاً 11.8 في المئة من الناتج المحلي، رغم أن مصر تملك ثلث آثار العالم، وان السياحة مورد مهم لدخلها القومي.
لعله من الظلم مقارنة الأرقام التي تحققها مصر في مجال السياحة بتلك التي تحققها دول أوروبية مثل اسبانيا التي استقبلت العام الماضي 59 مليون سائح، ويشكل دخل السياحة فيها نسبة كبيرة من الناتج المحلي الذي يبلغ 700 بليون دولار. لكن يمكن مقارنة مصر بدول بدأت للتو في صناعة السياحة مثل دبي التي تستقبل سنوياً أكثر من 6 ملايين سائح، وتخطط لاستقبال 15 مليوناً السنة 2015، رغم أنها لا تملك المقومات التي تملكها مصر في مجال السياحة.
إن السياحة في مصر تعاني من خلل في مستوى الطموحات والرؤية والتنظيم. وتطويرها لا يحتاج إلى معجزة، وبإمكان مصر أن تحقق من السياحة ما تحققه دول الخليج من النفط. والخطوة الأولى نحو هذا الهدف هي إلغاء مصطلح «عنك يا بيه» الذي بات يختصر كل الكلام الذي لا يقال عن طبيعية التعامل في السياحة المصرية. فـ «عنك يا بيه» تجيز لمن لا يستحق ولا يعرف استغلال من لا يريد ولا يحتاج، ولم يطلب.

جريده الحياه الثلاثاء 17-16-2008